بسم الله الرحمان الرحيم
يقول سيدي منير القادري البوتشيشي في كتابه ارائع " الحضور الصوفي في زمن العولمة " تحت عنوان التواصل الاخلاقي في التربية الصوفية صفحة (38) حيث يقول رضوان الله عليه
إن التراث الصوفي الاسلامي يشكل منجما غنيا بالجواهر والنفائس المعنوية , سواء ما يتعلق منها بتحليل أدق خلجات النفس البشرية أو تعرية الوان الدسائس والحيل النفسية أوما يرتبط بأساليب وانماط التواصل التي تخص الخالق عزوجل مع المخوقات او المخلوقات مع بارئها .لذلك فالصوفية لا يكتفون في مضمار عوائق التواصل بما أشرنا إليه وما تحدده الدراسات المعاصرة من عوائق لان الصوفية يتجهون في العوائق إلى أخطرها وأشدها خفاء وتمنعا من أجل مدواتها وعلاجها, فتزول بذلك تلك العوائق المذكورة آنفا ويسهل التواصل الإجتماعي المؤسساتي وغيره بفضل ثمرات التربية الصوفية ذات البعدين الروحي والأخلاقي والمادي والمعنوي , الفردي والإجتماعي , فكيف يتم ذلك ؟
علينا أولا أن نتعرف على منظور الصوفية حول العوائق ثم وسائل تجاوزها.
1- عوائق التواصل من المنظور الصوفي :
يتوجه الطب الصوفي مباشرة إلى أصل العوائق في الإنسان والعضو المسؤول عن كل تصرفات المرء وأفكاره واعتقاداته , ألا وهو القلب .فإذا صلح صلح كل شيء في اللآنسان وهكذا يمكن الإشارة إلى نوعين خطيرين من العوائق هما :
أولا : عوائق التواصل بين المخلوق و الخالق :
يتجه الصوفية , خبراء الطب القلبي المعنوي مباشرة إلى العوائق والآفات القلبية باعتبارها الداء العضال ومعضلة المعضلات وأساس القطيعة بين المخلوق وخالقه عزوجل , وذلك لمداواتها وتنويرها ليرتبط القلب بتواصل دائم مع الله تعالى فكيف ذلك ؟
نشير اولا الى بعض الامراض والعلل القلبية التي تعتبر من أشد عوائق تواصل القلب مع الخالق عزوجل ومن هاته العلل والآفات هناك :
1-غفلة القلب : وهي انطماسه وانغلاق بابه عن الذكر إما بكيفية دائمة أو نسبية وخطورة الغفلة القلبية انها تحول دون استجابة الدعاء فعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ادعوا الله وانتم موقنون بالاجابة واعلموا ان الله لا يقبل الدعاء من قلب غافل لاه" إذن فالله تعالى لا يستجيب للقلب الغافل ( ولاتطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا )
وهكذا يظهر أن الغفلة القلبية عائق كبير عن التواصل بين العبد ومولاه
-2 قسوة القلب : وهي تصلب وحمود وعدم تجاوب مع الذكر وبالتالي عدم التواصل مع المذكور قال تعالى ( فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون )- الحديد 15 - بل من أسوإ آثار قسوة القلب هو انقطاع التواصل مع الله.
جاء في حديث نبوي أخرجه الترمدي عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي "
3- النفاق : إنه آفة قلبية خطيرة وهي نتيجة ناجمة عن ترك ذكر الله عزوجل أو قلة الذكر مما جعل توصلهم مع الله مقطوعا , قال تعالى ( وإذا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ) - النساء 49 -
وقد حذر القرآن الكريم في آيات كثيرة من اعراض النفاق و باعتباره من العوائق القلبية الجسيمة والقاطعة للتواصل مع الحق عزوجل
والخلاصة من هاته القراءة التشخيصية لبعض العلل القلبية التي يتصدى لمدواتها خبراء الطب المعنوي أن هاته العلل تشكل يقينا عوائق خطيرة تحرم المرء لذة التواصل مع المخلوقات. إن ما أشد الحاجة إلى العلاج القلبي النوراني لتجاوز القطيعة وربط الصلة بين العبد وربه
مقتطف من كتاب " الحضور الصوفي في زمن العولمة " لمؤلفه الولي العارف بالله مولانا سيدي منير القادري البوتشيشي حفيد شيخ الطريقة القادرية البوتشيشية أطال الله في عمره آمين
محبكم
خالد الفنون
الرباط - المملكة المغربية
075897987